اعتمرتُ تاج "دلسال"
في يوم تشرينيّ من عام 1976 كنتُ مارّة في ساحة إنطلياس، قرأتُ إعلانًا عن فتح فرع لمدرسة القلب الأقدس- الجمّيزة لإخوة المدارس المسيحيّة في أحد أبنية مدارس المنطقة، وكنتُ آنذاك أبحث لي عن عملٍ في مجال التعليم، فقصدت المكان المشار إليه في الاعلان، وكان اللقاء ب"فرير فانسان"، وكانت البداية... وكان الشغف!!!
أربعون من عمري، حفرت في قلبي كما فكري اسم "دلسال" وثوابت الدعوة اللساليّة: إيمان، أخوّة وخدمة، ومحبّة الفقير، وخدمة التعليم...وامتلأت نفسي، يومًا بعد يوم، فرحًا بالرسالة...
انتهت سنون خدمتي. سلّمت أسلحة عملي، واعتمرتُ بفخر تاج "دلسال" وذهبت، حاملةً في طيّات ذاكرتي وفي حنايا قلبي حنينًا الى كنيسة المدرسة وممرّاتها وقناطرها وملاعبها... وشوقًا أكبر الى وجوه طلابٍ أحببتهم عميقا، وزملاءَ حققت مع بعضهم مشاريع في التربية، وبنيت وإيّاهم طرقًا جديدة في التعليم تتناسب والأجيال المتغيّرة عامًا بعد عام.
وها قد دقّ ناقوس يوبيل الخامس والعشرين بعد المئة لهذا الصرح المزروع في قلب العاصمة، فاتحًا أبوابه للجميع من غير تمييز. دُعيت للمشاركة في احتفاليّة افتتاح السنة اليوبيليّة: لبّيت النداء، شاكرةً الإدارة على لفتتها المحبّة، وفرحت بلقاء من سطّرت وإيّاهم بعضا من صفحات تاريخ هذا الصرح، وتذكّرت معهم مَن سلّمنا الوديعة من إخوة كرّسوا حياتهم لخدمة التعليم. فمنهم مَن استوطنوا لبنان تاركين أوطانهم البعيدة، ومنهم، مِن شباب وطننا، مَن استهوتهم المغامرة فتركوا كلّ شيء وتبعوا يسوع ليخدموه في الأطفال والنشء على مقاعد الدراسة. ذكرناهم جميعًا على مذبح الربّ في قدّاس الافتتاح. وانطلقنا عائدين، حاملين بدورنا رسالة جديدة نؤدّيها حيثما وُجدنا ليبقى يسوع حيًّا في قلوبنا وقلوب مّن نلتقيهم.
إلسن الزغبي
في 21 كانون الثاني 2019